من المؤكد أنه كان يوماً حزيناً وقاسيا جدا على نفوس حكام الجزائر، بعد أن حمل لها خبرين، أحدهما أسوأ من الآخر.
الأول، يتمثل في انسحاب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من المشاركة في القمة العربية الطارئة التي ستحضنها العاصمة المصرية القاهرة، "بسبب عدم رضا الجزائر على طريقة التحضير للقمة".
تبون كلف وزير الخارجية أحمد عطاف بتمثيل الجزائر في القمة العربية المرتقبة، مع الإشارة في قصاصة لوكالة الأنباء الجزائرية إلى أن عدم مشاركة تبون "تعود إلى الاختلالات والنقائص التي شابت المسار التحضيري لها" بتعبيرها.
ولعل التعبير الأكثر توضيحاً لأثر ما حدث على قادة الجارة الشرقية، هو أن الرئيس الجزائري "حز في نفسه طريقة التحضير للقمة العربية التي تقوم على إشراك دول وإقصاء أخرى".
كما أن التحضبر للقمة "تم وكأن نصرة القضية الفلسطينية أصبحت اليوم حكرا على البعض دون سواهم" وفق الوكالة ذاتها.
وبنفس طريقة التباكي، تورد الوكالة أن مسار التحضير للقمة العربية "احتكرته مجموعة محدودة وضيقة من الدول العربية، التي استأثرت وحدها بإعداد مخرجات القمة دون أدنى تنسيق مع بقية الدول العربية".
الغريب جدا، بعد كل هذه الكلمات الأليمة، أنه ولا دولة شعرت بما شعرت به الجزائر، وأنها فقط أحست بكل هذا الغبن، ولو أن الأمر كان صحيحاً لكان عاماً، أو على الأقل لكان لدول أخرى نفس ردود الفعل.
لكن، كالعادة، آثرت الجزائر أن تكون الوحيدة التي تشعر بهذا "الإقصاء" و"الاحتكار".
وسط كل هذا، يأتي خبر تجديد أربعين دولة، لدعمها لسيادة المغرب التامة والكاملة على صحرائه، وذلك خلال الدورة الـ 58 لمجلس حقوق الإنسان.
كما أشادت المجموعة في تصريحها، بفتح مجموعة من الدول لقنصليات عامة بمدينتي الداخلة والعيون، مما يشكل "رافعة لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثمارات لفائدة الساكنة المحلية، والتنمية الإقليمية، وكذا القارية"، مجددة التذكير بأن "قضية الصحراء هي نزاع سياسي تتم معالجته من طرف مجلس الأمن، الذي يقر بوجاهة مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب، باعتبارها جادة وذات مصداقية من أجل التوصل إلى حل سياسي نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء".
كلمات يتمنى القائمون على قصر المرداية، ولا شك، أنها لم تذكر ولم يسمعوها وهم في غمرة الأسى بسبب "الإقصاء" من التحضير للقمة العربية.
ضربتان موجعتان ولا شك للجزائر، وتقدم ديبلوماسي جديد للمغرب، يؤكد أن قضية الصحراء تتجه فعلا نحو مسار جديد سيبقي الجارة الشرقية، للأسف، خارج التاريخ فعلاً وقولاً.